أخبار - أوروبا – متابعات
هجرة البشر كانت دوما موجودة عبر التاريخ وفي السابق كان الناس يهاجرون أولا“ لتتعرف على مناطق جديدة”، لكن اليوم توجد للهجرة أسباب متعددة من جهة هجرة ما يُسمى النزوح الإنساني، أي يعني أن الناس يهربون من الاضطهاد والحروب أو ما شابه ذلك، ومن جهة أخرى الهجرة التي تعود لأسباب تعليمية أو كلم الشمل العائلي، وغيرها.
وحتى العوامل الاقتصادية أدّت دورا في الهجرة لكن في وقتنا الحالي فإن الهجرة الجماعية سببها الأول فقدان الأمن والفقر.
في هذا السياق فإن“ فجوة الرَفَاهيَة ”الهائلة الموجودة بين الدول الصناعية والمناطق الأقل تطورا في العالم هي سبب من بين عدة أسباب لتكون أوروبا هي الوجهة الأولى للمهاجرين في العالم.
ومن بين أحدث موجات الهجرة الكبيرة تلك التي حصلت في 2015، حيث شكلت صدمة كبرى للعديد من دول العالم لا سيما دول أوروبا الغربية، لكن هذه الأيام وبعد أن سيطرت حركة ”طالبان ”المتشددة على أفغانستان فإن مجموعات كثيرة من الأفغان بدأت في شق طريقها نحو أوروبا مرة أخرى.
هذا الأمر وما له من تداعيات على أوروبا التي تعاني أزمة لاجئين، بدأ يثير حفيظة التيارات المحافظة واليمين الشعوبي في أوروبا محذرين من تكرار العام 2015.
التحذير من قبل التيارات المحافظة قد لا يكون في قمة أولويات الاتحاد الأوروبي، على اعتبار ما حصل عام 2015 كان رمزا للإنجاز الإنساني، وفي رأيهم قد يكون من المناسب تكرار ما حدث.
لكن لا يمكن نكران أنه في ذلك العام كان يمثل أيضاً فقدان السيطرة، سياسيون تم تجاهلهم، وتجاوزهم، عدم تكرار ما حدث يعني عدم تكرار أخطاء الماضي.
وصل في ذلك العام نحو مليون سوري إلى أوروبا الغربية لاسيما ألمانيا، لكن هؤلاء الذين فروا من بلدهم التي تشهد حربا مستمرة منذ أكثر من عقد من الزمان عبر نظام بشار الأسد وحلفائه ضد المدنيين، كانوا بالفعل موجودون في الدول المجاورة، في لبنان والأردن وتركيا.
لكن.. ما السبب الذي دفعهم للتوجه بأغلبيتهم للسفر إلى أوروبا
هل كانت الإشارات السياسية هي السبب، ثقافة الترحيب في ألمانيا وغيرها من الدول؟، رفض أنغيلا ميركل إغلاق الحدود أمام السوريين، ووعدها ب“ إنجاز المهمة ”هي التي دفعت المهاجرين إلى الخلاص الأوروبي؟.
دراسة أجراها“ معهد الاقتصاد العالمي ”في ألمانيا حديثًا دحضت هذه الأطروحة التي تم التشكيك فيها في وقت مبكر التي استندت إلى استطلاعات واسعة النطاق للاجئين.
وخلصت إلى أنه لا توجد“ تأثيرات جذب ”كبيرة للهجرة، كذلك لا توجد عِلاقة سببية بين إشارات الترحيب السياسي من وَسَط أوروبا والزيادة الحادة في الهجرة نحو أوروبا في صيف وخريف عام 2015.
تقول الدراسة إنه من المبالغة الاعتقاد بأن المهاجرين كانوا على دراية جيدة بالوضع السياسي في بلدان المقصد المحتملة.
لكن ما الذي دفع الناس للهجرة؟ وفجأة، لقد تلقى اللاجئون في دول الجوار السوري مساعدات أقل بكثير من برنامَج الغذاء التابع للأمم المتحدة (WFP)، أو مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أو المنظمة الدولية للهجرة، لأنهم بدورهم تلقوا أموالًا أقل بكثير من الدول المانحة مثل ألمانيا أو النمسا.
الدراسة أشارت إلى أن ثلث المساعدات التي كانت مطلوبة لسوريا مفقودة في عامي 2013 و2014 أي أكثر من مليار دولار لكل عام.
إن معرفة هذا الارتباط ليس جديداً، فقد ظهرت تقارير عنه في خريف 2015 وأيضاً سميت سبب التراجع في المدفوعات وكانت الحرب في سوريا مستمرة منذ عام 2011، وكانت خارج نطاق التركيز كما كانت هناك أزمات أخرى. وتستند برامج المساعدة إلى حد بعيد على التبرعات، دون أي التزام بالدفع، أو تمويل مضمون.
لكن منذ عام 2013 فصاعداً، كانت جميع عمليات الإغاثة في سوريا وما حولها سيئة التجهيز، كما يؤكد أحد العاملين الذي كان يترأس في ذلك الوقت المكتب الإقليمي الألماني لبرنامج الأغذية العالمي.
في نهاية عام 2014، حذر برنامَج الأغذية العالمي من أنه سيتعين عليه التوقف عن تقديم المساعدات الغذائية إلى 1.7 مليون سوري في الدول المجاورة.
وتحولت المساهمة النقدية من برنامَج الأغذية العالمي،“ المساعدة الاجتماعية الأساسية ”للاجئين، إلى بطاقات إلكترونية خاصة يمكن من خلالها شراء المواد الغذائية ومستلزمات النظافة، وإذا لزم الأمر والأدوية أيضاً.
نجحت حملة قام بها برنامَج الأغذية العالمي على المدى القصير، ولكن خلال عام 2015، تم تخفيض مبلغ بين 27 و30 دولاراً للفرد شهرياً إلى 13 دولاراً أمريكياً، بالإضافة إلى الجوع، كان هناك نقص في الآفاق. أكثر من 90 % من اللاجئين السوريين أرادوا بوعي البقاء في المنطقة والعودة إلى وطنهم في أسرع وقت ممكن.
لكن هذا الأمل تلاشى أكثر فأكثر في وقت كان تنظيم“ داعش ”يزداد قوة في شرق سوريا، ودخول روسيا إلى جانب النظام السوري عسكريا الذي أبقاه لغاية اليوم على سدّة السلطة، فضلا عن عدم وجود حل في الأفق للحرب في سوريا.
اقرأ أيضا:مندوبة واشنطن بالأمم المتحدة تدعو للتصدي لهجوم نظام الأسد على درعا
اقرأ أيضا:هل يمثل “البوندستاغ” جميع شرائح المجتمع الألماني؟
في الوقت نفسه، انخفض التسامح تجاه اللاجئين في البلدان المجاورة. في هذه
الحالة، كان الكثير من الناس قد قرروا استثمار آخر مواردهم في الفِرَار إلى
أوروبا مهما كانت النتائج وبالفعل توفي المئات خلال العبور نحو أوروبا
لاسيما في البحر المتوسط.
لكن بعد ذروة موجة اللجوء في 2015، يبدو أن حكومات العالم قد استوعبت
الدرس بسرعة، في مؤتمر للمانحين عقد في لندن نهاية عام 2015، أعلنت
المستشارة الألمانية ميركل أن ألمانيا ستأخذ أكثر من 50 % من الأموال التي
خصصها برنامَج الأغذية العالمي لمنطقة سوريا في عام 2015، أي أكثر من 500
مليون يورو. ونتيجة لذلك، ضاعفت ألمانيا التزامها الإنساني لسوريا أربع
مرات.
وقررت تحويل تبرعها في وقت مبكر من الربيع. حتى ذلك الحين،
ولأسباب تتعلق بالميزانية، لم يحدث هذا إلا في النصف الثاني من العام،
وبالتالي بعد فوات الأوان.
يشار إلى أنه كانت قد صدرت دراسة لمفوضية
الاتحاد الأوروبي قبل عامين أكدت أن 53 % من مواطني الاتحاد الأوروبي لديهم
مواقف“ متشككة إلى سلبية ”تجاه الهجرة من دول غير أوروبية.
لكن وفقا للدراسة فإن هذا
التقدير خاطئ للوضع الذاتي لأن الاتحاد الأوروبي كما يفيد التحليل الواقعي
يحتاج فقط بسبب“ الشيخوخة المتزايدة للمجتمعات ”إلى مزيد من الهجرة.
كذلك فإن عدد متزايد من مواطني الاتحاد الأوروبي ينتقل إلى التقاعد،
والنتيجة هي أنه في المستقبل سيوجد عدد أقل من دافعي الضرائب في صناديق
التقاعد. وتكاليف أنظمة الصحة والرعاية ستزداد ولا خِيار آخر إِلَّا صول مزيد من المهاجرين واللاجئين.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقعنا وإنما تعبر عن رأي أصحابها; يمنع التعرض لأي شخص او شخصية دينية, :يمنع التعرض للأديان
التقارير المنشورة على الحساب الرسمي للمركز الألماني العربي للإعلام، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الحصول على هذه التقارير مجاناً يمكن الاشتراك في الموقع مباشرة